مقال

بشائر الشتاء المظلم…!! 

البوابة اليوم

  • بقلم فكري الرعدي

 

قد يعجب البعض من الجمع بين كلمتي “بشائر” و”المظلم” في عنوان المقال، بيد أن واقع الحال يقتضي ذلك، إذ في الوقت الذي ينتظر فيه ضحايا الحروب والكوارث من النازحين واللاجئين ومنعدمي الدخل والمعوزين أن تصلهم بشائر الخير وامتداد الأيادي البيضاء بالعون والمساعدة الكريمة مع اقتراب فصل الشتاء، إذا بهم جميعاً يقعون صرعى للأنباء المفزعة التي بثتها وسائل الإعلام المختلفة بشأن شح أو انعدام التمويل المالي اللازم لتقديم المساعدات عبر برنامج الغذاء العالمي في دول كثيرة.

ففي اليمن؛ أعلن برنامج الغذاء العالمي عن تخفيض حجم مساعداته المقدمة لليمنيين بنسبة 40 بالمئة، ملوحاً بإيقاف المساعدات بشكل تام في نهاية الشهر الجاري (سبتمبر)، علماً بأنه يقدم مليون سلة غذائية يستفيد منها تسعة ملايين إنسان.

ويعزو البرنامج قراره الصادم إلى عدم وفاء المانحين بالتزاماتهم، ومن المؤكد أن إيقاف المساعدات الغذائية – رغم شحتها – سوف يُفضي إلى مجاعة حقيقية في ظل توقف رواتب الجزء الأكبر من موظفي الدولة منذ العام 2016.

أما في الأردن؛ فإن اللاجئين ينتظرون تمويلاً بمبلغ 82 مليون دولار ليحصلوا على المساعدات الغذائية والنقدية التي تُبقيهم على قيد الحياة.

ويزداد الوضع سوءً على حدود جمهورية تشاد حيث يقبع اللاجئون السودانيين القادمين من دارفور في العراء.

وتواجه جمهورية مصر العربية ضغطاً هائلاً نتيجة وضعها وجهة أولى للفارين من جحيم الحرب في السودان، بالإضافة إلى ملايين اللاجئين من نار الحروب في دول عربية أخرى، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة يعانيها المصريين بسبب آثار الأزمة العالمية التي فرضتها الحرب الأوكرانية.

ولا ننسى أن هناك 20 مليون إنسان ينتظرهم الموت جوعاً في منطقة القرن الأفريقي نتيجة لموجة الجفاف التي تضرب المنطقة منذ سنوات.

إن شبح الجوع يتهدد كل هؤلاء في ظل شكوى حقيقية من بعض العاملين في قطاع الإغاثة العربية بأن ثمة تمييز عنصري في تقديم المساعدات للناس المحتاجين، إذ يعاني الأوكرانيين من تخمة في المساعدات المقدمة لهم فيما يتضور العرب والأفارقة جوعاً.

بصراحة شديدة؛ لقد أفزعتني أنباء الانتحار في فلسطين، إذ انتحر 17 شاباً فلسطينياً منذ بداية هذا العام بسبب تردي الوضع الاقتصادي وتراكم الديون عليهم. ولا عجب في ذلك فقد انتحر عشرات الموظفين اليمنيين بسبب قطع رواتبهم الشهرية دون أن يرف للآخرين جفن..!

إنه لأمر مُخجل أن يموت البشر جوعاً في الوقت الذي تتسابق الدول الصناعية الكبرى على شراء وتقديم أدوات الحرب بمليارات الدولارات، وتغل أيادي قادتها عن صرف النزر اليسير من تلك الأموال المهولة لإنقاذ حياة ملايين البشر.. فهل قتلت الإنسانية أثناء كوارث الأعاصير والزلازل والفيضانات؟ أم أنها تاهت في مقاطعات أوكرانيا؟ أم أن الإنسانية قد لقت حتفها في حرائق هاواي؟ أم أن ثمة تحضيرات شيطانية لجعل الشتاء القادم موسماً للموت عبر حملة منظمة لتجويع الضعفاء؟ أم أن الأمر مجرد خطوة جديدة في سياق محاولات القوى الظالمة تخفيض سكان الأرض عبر شتى الوسائل المدمرة؟

وأياً كان الأمر؛ فإننا نذكر بأن الشتاء يحمل الكثير من المصاعب، إذ يشتد البرد وتنتشر الأوبئة، وهو ما يقتضي بالضرورة توافر الكم الأكبر من الغذاء والدواء لتقوى الأجساد البشرية على مواجهة صقيع الشتاء الطويل.. فكيف سيكون الحال في ظل انعدام الغذاء والدواء؟

نحن هنا نبين واقع الحال الذي يعيشه الإنسان، وكلنا أمل أن يسارع القادة والشركات والميسورون إلى مد يد العون للمحتاجين، ويبقى رجاؤنا الأكبر في الخالق العظيم الذي جعل من جوع هؤلاء اختباراً للأثرياء ومن ينجح في الاختبار سيجد الخير في الدنيا والآخرة… وكفاكم الله شر الجوع والمرض والحرب، وكل شتاء وأنتم بخير….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى